في مقابلة مع موقع "بكرا"، أكّد المحلل السياسي أمير مخول أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يعيد صياغة حساباته السياسية على ضوء التحركات الأخيرة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، مشيرًا إلى أن ما يجري حاليًا هو أشبه بـ"صفقة إقليمية كبرى" تطمح إلى توسيع دائرة التطبيع في المنطقة، مقابل ثمن سياسي قد يشمل الاعتراف بدولة فلسطينية، وحتى إنهاء حكم نتنياهو ذاته.
تطبيع لكن..
وقال مخول إن نتنياهو يضع نصب عينيه تطبيع العلاقات مع سوريا ولبنان، لكن بشروطه الخاصة، وأبرزها عدم الانسحاب من الجولان المحتل، وهو ما يرفضه الشارع السوري بالمطلق. وأضاف أن "درة التاج" في مخطط التطبيع تبقى السعودية، إلى جانب محاولات فتح قنوات مع دول كإندونيسيا وماليزيا.
وأشار مخول إلى أن الانقسام الأخير بين نتنياهو من جهة وسموتريتش وبن غفير من جهة أخرى، لا يُعد مأزقًا سياسيًا بقدر ما يعكس وجود أجندات متباينة، حيث يسعى نتنياهو إلى الظهور كمحاور إقليمي مسؤول يستطيع إنجاز تسويات تاريخية، في مقابل بقاء زعماء أقصى اليمين في مربع الخطاب التصعيدي.
وحول تصريحات ترامب الأخيرة التي فسّرها البعض كمحاولة للتأثير على محاكمة نتنياهو، أوضح مخول أن ردود الفعل الإسرائيلية كشفت تناقضات كبيرة، لاسيما أن من يقودون "الانقلاب القضائي" ضد المحكمة العليا مثل روتمان، رفضوا تدخّل ترامب باسم "سيادة إسرائيل"، في حين أن هدف ترامب الأعمق قد يكون فرض صفقة إقليمية تشمل تطبيعًا واسعًا مقابل خطوات إسرائيلية تجاه القضية الفلسطينية.
ويعتقد مخول أن ترامب يراهن على نتنياهو كشخصية وحيدة قادرة على تمرير اتفاق كهذا داخل إسرائيل، مستندًا إلى قوته الجماهيرية ومرونته السياسية، مقابل مساعدته في الخروج من أزمته القضائية وترك بصمة تاريخية متمثلة بـ"الانتصار على إيران" و"التطبيع الإقليمي الشامل".
مفترق طرق
أما على الصعيد الداخلي، فرأى مخول أن إسرائيل أمام مفترق طرق: إما الذهاب نحو احتلال كامل لقطاع غزة وفرض حكم عسكري، وهو ما يعارضه الجيش، أو إبرام صفقة شاملة تنهي الحرب، تحظى بدعم أطراف إقليمية ودولية. ولفت إلى أن هناك دعمًا واضحًا من نفتالي بينيت لهذا المسار، وهو ما يزيد من حظوظه في خلافة نتنياهو في حال جرت انتخابات مبكرة.
وحول المشهد الانتخابي، قال مخول إن نتنياهو يدرك تراجع قوة حلفائه من أقصى اليمين، ولذلك يراهن على بقائه كالحزب الأكبر لضمان تكليفه بتشكيل الحكومة مجددًا. وفي الوقت ذاته، قد يستغل نتنياهو وجود قائمة عربية مشتركة قوية – في حال تشكّلت – كذريعة لمنع المعارضة من تشكيل ائتلاف بديل، مستندًا إلى الخطاب الصهيوني الذي يعتبر مشاركة النواب العرب "غير شرعية" منذ أكتوبر 2023.
ويختم مخول بأن "نتنياهو يدير المرحلة بحنكة متمرسة، ويراهن إما على صفقة تاريخية تدفعها واشنطن، أو على حلّ الكنيست والذهاب لانتخابات جديدة ليبقى في الحكم، حتى لو مؤقتًا"، مشيرًا إلى أن "الدور الإسرائيلي في ظل توجهات ترامب بات أكثر وضوحًا كدور وظيفي في خدمة السياسات الأمريكية، فيما تبقى الصحوة داخل المجتمع الإسرائيلي مرهونة بالضغط الدولي والتحركات الشعبية".
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق