كانت الفخامة الهادئة تحظى بشعبية في عالم الموضة؛ ثم، شيئاً فشيئاً أصبحت المنازل تُعبّر من خلال تصميماتها الداخلية عن المفهوم. والأخير، أسلوب أو نمط لا يتأثر بموسم أو فترة زمنية ويتصف بالراحة والأناقة والبساطة. ثمّة مواد عالية الجودة مُختارة في تحقيق الفخامة الهادئة، مع أهمية توزيع العناصر في المساحات الداخلية، بطريقة مدروسة وإيلاء التكنولوجيا أهمّية. في النتيجة، يشعر زائرو المنازل التي تتبع الفخامة الهادئة أسلوباً برقي الديكور، بعيداً عن البهرجة أو عن تباهي السكان بمقتنياتهم. أما الساكنون فيفيدون من نمط حياة فاخر يُحقق متطلباتهم من منازلهم، ويريحهم من ضغوط يومياتهم.
تبعث المساحات الداخلية، المُصمّمة بحسب الفخامة الهادئة، شعوراً بالدفء والاسترخاء للساكنين والزائرين وتبدو أنيقة وهي تُنظّم عناصر التصميم، بصورة مدروسة، وتستخدم مواد فخمة وتُركز على إراحة القاطنين ورفاهيتهم. في هذا الإطار، وبخلاف النمط في الديكور الذي يجعل في كل غرفة نقطة مركزية تجذب الأبصار إليها أولاً، يقوم مفهوم الفخامة الهادئة على جعل الأنظار تجول في المساحات وتتأملها بإعجاب، من دون الشعور بأن قطع الأثاث والإكسسوارات تفرض حضورها أو تبدو مُكدسة.
لوحات ديكور متناغمة وهادئة
تتحدث ليندا لطفي، مهندسة الديكور الداخلي ومؤسسة شركة LLInterior ذات النشاط التصميمي في بيروت وباريس، عن خصائص مفهوم الفخامة الهادئة لـ "سيدتي"، فتقول: "أركز عند الاشتغال على هذا النمط في المشاريع السكنية على النوعية الرفيعة والتفاصيل الدقيقة، وعلى الجمع بين العملية والجمالية، بعيداً عن المُبالغة". وتُضيف: "النقطة الأهم عند تأثيث المساحة الفخمة الهادئة هي تحقيق راحة القاطنين في الفراغات ومستخدميها".
بحسب المهندسة، المساحات المؤثثة وفق أسلوب الفخامة الهادئة لوحات متناغمة وهادئة، لنواحي الألوان (الأبيض الفاتح والكريمي والرمادي والرمادي الضارب إلى البيج المعروف بـ"الغريج" والبيج، بالإضافة إلى الألوان الترابية الفاتحة) والأبعاد والمواد الطبيعية عالية الجودة والأشكال البسيطة. الرخام والخشب الصلب والحجر والحرير والمخمل والكشمير كلها مواد وأنسجة تعدّ جزءاً لا يتجزأ من التصميمات الداخلية الفخمة الهادئة، وهي تضفي على المساحات الداخلية الدفء وتحقق الاتصال بالطبيعة.
تفضيلات شخصية
لأن أسلوب الفخامة الهادئة يُظهر التصميمات مُتقنة الصنع، ويعكس جمال البساطة والذوق الرفيع لصاحب(ة) المنزل، تُشدد المهندسة على ضرورة الانتباه إلى التفاصيل الصغيرة التي تطبع الفراغ المعماري بالفخامة، لا سيما وحدة التلفزيون مع الدعوة إلى تفصيلها والتعبير من خلالها عن التفضيلات الشخصية في الديكور بعيداً من شراء "فيترين" جاهزة متوافرة في السوق. ينسحب الأمر على قطع عدّة في الديكور، مثل: الأثاث المريح بالدرجة الأولى، من دون التضحية بالأناقة. تُوزع مقاعد الجلوس، في المناطق المنزلية، بصورة مُشجعة على المحادثات، مع إيداع فراغات بين القطع التي تراعي حجومها المساحات التي تحلّ فيها.
بالطبع، المنازل هي انعكاسات لهويات أصحابها، لذا لا تتحقق الفخامة الهادئة من دون توزيع عناصر "شخصية"، مثل: الصور العائلية والكتب وبعض التذكارات من الأسفار، لكن من دون إسراف أو مبالغة.
مفهوم الفخامة الهادئة يحتفظ بمبادئ الطراز "المينيماليست"
في السطور الآتية، نقاط مُساعدة في شرح الاتجاه الذي يُمثّل مزيجاً من البساطة الحديثة والكلاسيكية والدفء، من خلال كل تفصيل:
الإضاءة: للإضاءة أهمّية بالغة عند اعتماد الفخامة الهادئة أسلوباً في الديكور الداخلي، لا سيما نور الشمس المتسلل من النوافذ الضخمة المغطاة بستائر شفافة، بالإضافة إلى توزيع المرايا بشكل استراتيجي لتحقيق انعكاسات جذّابة في الفراغات وجعلها تُشرق. لناحية الإضاءة الاصطناعية، هي مُتعددة المصادر من دون الإغفال عن السقفية منها علماً أنه يُصمّم سقف مستعار، لكن لا يُزود الأخير بأي كرانيش أو زخارف.
الإكسسوارات المنزلية: المساحات الداخلية المُصممة والمؤثثة بحسب أسلوب الفخامة الهادئة تفتقر للإكسسوارات والزينة، لتقتصر القطع الأخيرة على مجموعة رفيعة القيمة وذات معنى لصاحب(ة) المنزل، موزعة بصورة مدروسة. لا يُغفل في هذا الإطار، عن الشموع المعطرة والسجاجيد والبُسط التي تُدفئ الأرضيات.
نباتات الزينة: دمج نباتات الزينة بالغرف المنزلية مرغوب، وكذا الأمر للعناصر المُستوحاة من الطبيعة. تُضيف النباتات لمسة حيوية وتساهم في بثّ شعور عامّ بالرفاهية. الجدير بالذكر أن شتلات سرخس بوسطن و"طائر الجنة الكبير" و"كالاتيا فريدي" دارجة في العام المُقبل (2024)، كما هو الصبار. تُوزع الشتلات في مجموعات مختلفة الحجوم، في المكان الواحد.
عناصر مدمجة: عند اختيار الفخامة الهادئة نمطاً للمنزل، ينصب تركيز المُصمم على إخفاء العناصر، لا سيما الأبواب والخزائن والإضاءة، وجعل المساحة متدفقة يسهل التنقل فيها.
الأقل هو الأكثر
يقف المهندس المعماري الألماني - الأميركي لودفيغ ميس فادن دي رو خلف مبدأ "الأقل هو الأكثر" في عالم الهندسة. يتجاهل المبدأ أي عناصر لا تُساهم في تحقيق الجمال الخالص أو الوظيفة في العمارة. تحضن الفخامة الهادئة المبدأ المذكور وتسمح للمساحات بـ "التنفس" والتحرر من كثرة المحتويات. أضيفي إلى ذلك، خطوط الفخامة الهادئة واضحة والتصميمات بسيطة والزخارف شبه مُنعدمة، الأمر الذي يتلاقى مع حاجات الأفراد وتطلباتهم من مساكنهم، في هذا العصر. لكن، يجدر عدم الخلط بين الفخامة الهادئة وطراز الحد الأدنى المعروف بـ "المينيماليست"؛ صحيح أن المفهومين يشتركان في بعض الصفات، إلا أنهما ليسا مُتماثلين. يمكن اعتبار التصميم الداخلي الفاخر والهادئ بمثابة تطور دقيق للتصميم "المينيماليست". بعبارة أخرى، يحتفظ مفهوم الفخامة الهادئة بمبادئ طراز الحد الأدنى، لكن الأول يوفر لمسة أكثر فخامة في مساحات المعيشة. الجدير بالذكر أنه يُمكن مزج الفخامة الهادئة بأنماط أخرى، مثل: الطراز الإسكندنافي أو الياباني.
أسلوب الفخامة الهادئة يعكس جمال البساطة والذوق الرفيع
الأتمتة
للتكنولوجيا حضور في أسلوب الفخامة الهادئة في التصميم الداخلي، إذ يتمتع مستخدمو المساحات بوسائل الراحة الحديثة وبالأمان وبمزايا الأتمتة والتحكُّم بمحتويات المنزل وإضاءته والتدفئة والتبريد والموسيقى والستائر والأبواب عن بُعد عبر تطبيقات الجوال أو أجهزة التحكُّم.
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق