تشهد المطاعم في إسرائيل أزمة متفاقمة منذ نحو عام ونصف، على خلفية التصعيد العسكري المتجدد في قطاع غزة، وتوسيع نطاق استدعاء قوات الاحتياط، والضغوط الاقتصادية الناتجة عن موجة غلاء الأسعار المتسارعة، إضافة إلى إطلاق الصواريخ من قبل الحوثيين، ومشاعر الإحباط الوطني المرتبطة بملف الأسرى.
كل هذه العوامل دفعت بالعديد من المواطنين إلى تقليص نفقاتهم على الترفيه، وكان من أبرز المتضررين قطاع المطاعم، الذي شهد تراجعًا حادًا في نسب الإشغال. فبحسب بيانات منصة Ontopo، المختصة بحجوزات المطاعم والتي تخدم نحو 1200 مطعم في إسرائيل، سجّل القطاع انخفاضًا عامًا في الإشغال بنسبة 30% منذ بداية العام وحتى مايو 2025، بينما بلغت نسبة الانخفاض في المطاعم الراقية (مطاعم الشيف) نحو 53%.
ورغم تسجيل ارتفاع مؤقت بنسبة 7% في الإقبال على المطاعم بين يناير ومايو من العام الجاري، والذي يعزى إلى محاولة المواطنين "التنفيس" بعد صدمة الأشهر الأولى من الحرب، إلا أن هذا الاتجاه لم يصمد طويلًا، خصوصًا في شهري أبريل ومايو، حيث تصادفت الأعياد والمناسبات الوطنية مع أجواء قتامة.
موجة إغلاقات وتغيّر سلوك المستهلك
منذ أكتوبر 2024 وحتى مايو 2025، تم إغلاق 57 مطعمًا في أنحاء البلاد، معظمها من المطاعم الراقية، والتي قُدّرت الاستثمارات في تأسيسها بملايين الشواقل. ورغم افتتاح 42 مطعمًا جديدًا في الفترة نفسها، إلا أن التقديرات في القطاع تشير إلى احتمال حدوث المزيد من الإغلاقات في الأشهر القادمة.
وتشير البيانات إلى أن أبرز أنواع المطاعم المتضررة هي:
مطاعم الشيف: انخفاض بنسبة 53%
المطاعم الكوشير: انخفاض بنسبة 40%
حانات النبيذ: انخفاض بنسبة 36%
المطاعم الإيطالية والآسيوية والمختصة باللحوم: انخفاض بنحو 30%
يعود ذلك إلى عدة عوامل، منها ارتفاع تكاليف التشغيل، خاصة في المطاعم الراقية التي تعتمد على طواقم مهنية ومواد أولية عالية الجودة، مما يجعل قدرتها على التكيّف محدودة مقارنة بالمطاعم الشعبية أو الشبكات التجارية.
شهادة من الداخل: نظرة إلى المستقبل رغم الأزمة
أورئيل كيمحي، شيف وصاحب مطعم "بوبينا" في تل أبيب، يقول إن المطعم شهد انخفاضًا بنسبة 30% منذ بداية العام. وأضاف أن "بوبينا" كان يعتمد بنسبة كبيرة على السياح، الذين اختفوا فجأة مع اندلاع الحرب في 7 أكتوبر. "نحن نعيد صياغة استراتيجيتنا لعامين قادمين، ونعمل على حلول مبتكرة مثل تقديم خدمات بوب-أب للشركات، وهو ما لم نكن نفكر فيه سابقًا"، يقول كيمحي.
ويضيف: "الخروج لتناول الطعام لم يعد يُنظر إليه كمتعة، بل كمترَف. الزبائن يعودون بوتيرة أقل، ومع كل الظروف الاقتصادية والتوترات، بات علينا إقناعهم بقيمة ما نقدمه".
من جهته، يرى الشيف يوفال بن نريا، صاحب مطعمي a و"تايزو" في تل أبيب، أن جزءًا من التراجع يعود أيضًا إلى فتح الأجواء وعودة السفر، إضافة إلى تزايد أجواء القلق الوطني، وخاصة مع عدم عودة الأسرى.
ويقول بن نريا: "أدخلنا تعديلات على قوائم الطعام لجعلها أكثر ملاءمة، من خلال تقليل أحجام الوجبات وتخفيض أسعار المشروبات، ودعم المنتجات المحلية. الهدف أن يشعر الزبون أنه يحصل على قيمة مقابل ما يدفعه".
تحذير من موجة إغلاقات أوسع
دانيال موستكي، نائب المدير التنفيذي لـOntopo، لا يبدو متفائلًا: "ما شهدناه من إغلاقات حتى الآن هو مجرد البداية. إذا لم تتدخل الحكومة والسلطات المحلية لدعم القطاع، فستغلق مطاعم أكثر، وسيُحرم الناس من أحد أبرز أشكال الترفيه".
ويختم موستكي بتحذير: "الطهاة والمطاعم الكبرى يحاولون الصمود، لكنهم لن يتمكنوا من ذلك طويلًا إذا استمرت الظروف على حالها".
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق